13:09 PM

13:09 PM

المواطنون المدنيون يستطيعون. جرِّبوهم!

2018-04-05

عندنا في "الساحة" الانتخابية فرسانٌ جدد.

إنهم المدنيون الرافضون المستقلون الاعتراضيون، وهم ليسوا أحزاباً حديدية منظّمة، ولا هياكل وتيّارات جامدة.

وهم ليسوا طوائف. ولا مذاهب. ولا عصابات تعمل في الخفاء. وليسوا أيضاً كتلاً متراصّة.

وهم خصوصاً ليسوا قطعاناً، يقودهم أسيادهم إلى المراعي، أو إلى الزرائب والاسطبلات.

واجب اللبنانيات واللبنانيين، وخصوصاً اليائسات واليائسين، المشكِّكات والمشكّكين منهم، أن يفسحوا المجال لهؤلاء المدنيين، وأن يحيّوهم لأنهم لا "يتحلّون" بالأوصاف المذكورة أعلاه.

ولأنهم ليسوا كذلك، يجب أن ترفعوا لهم القبعات.

أو، في الأقل، يجب أن تمنحوهم الفرصة، فرصة التعبير عن أنفسهم، وخوض الاستحقاق الذين يريدون.

وخصوصاً هذا الاستحقاق النيابي المقبل.

هؤلاء المدنيون، ليس ثمة "حبلٌ" حول رقابهم، يُشَدّ ويُرخى، بأوامر غير منظورة.

فهل أجمل من أن يكونوا أحراراً مثل الهواء؟!

وهل أجمل من أن لا يتمكن أحدٌ من إدراجهم في خانة، أو حشرهم في زاوية، أو جرّهم إلى مستنقع؟!

والحال هذه، يجب أن نقدّم إليهم المساعدة. وأن نقف إلى جانبهم في المهام والطموحات التي يسعون إلى تحقيقها.

لأجل الأسباب المذكورة أعلاه، من الطبيعي جداً أن لا يكون هؤلاء المدنيون أصحاب "تاريخ" تقليدي، ولا أصحاب نفوذ، ولا أصحاب أموال، وأن لا يكونوا "أقوياء"، بالمعنى المتعارف عليه لـ"القوة" في مفهوم "اللعبة السياسية" الدارجة، وفي منطق التنافس السياسي التقليدي، وفي معيار تأليف اللوائح واختيار المرشحين لدى جماعات الطبقة الحاكمة، حيث تتم مثل هذه الأمور في الدهاليز والأوكار والكواليس والأروقة السوداء، وحيث يتم تقاسم قالب الجبنة وتُدفَع الرشى وتُهدَر الكرامات.

إنهم "جدد"، "طريّو العود"، "أصحاب أحلام"، "مختلفون"، "متميزون"، ويجيئون من الأفكار المختلفة والمفاهيم المختلفة، وأيضاً من الأمكنة والمواقع المختلفة.

إنهم مواطنون.

وهذا يكفي من أجل أن نلتفت إليهم، ونرحّب بهم، وندعو لهم بالتوفيق.

هكذا، وانطلاقاً من هذه الصفة، صفة المواطنة، تسقط "بالضربة القاضية"، كلّ مقارنةٍ بينهم وبين الآخرين، كلّ الآخرين، ولا سيما منهم الذين يملكون تاريخاً طويلاً ملطّخاً بالممارسة السياسية التي لا ترفع الرأس، ولا يجوز التباهي بها.

إنهم مواطنون، ويدعون إلى قيام دولة المواطنة، التي لا تتحقق إلاّ في دولة مدنية، "مضادة" للدولة المسخ القائمة؛ دولة تكون ذات دستور مهيب، قائمة على القانون والحق والعدل والحرية والمساواة، ترفع راية القيم والأخلاق والكرامة والسيادة الوطنية.

هكذا من العار أن نقول عنهم إنهم فاشلون. وإنهم خاسرون. وإنهم لا يلبّون الحاجة أو المطلوب.

هل امتحنهم أحدٌ في مسألة ما، سياسية، أو وطنية، أو مجتمعية، أو اقتصادية، أو أخلاقية، أو علمية، أو فكرية، أو ثقافية، او عمرانية، لكي "يبشّر" بفشلهم وبفشل "المجتمع المدني" الذي خرجوا منه؟!

هل أعطيتموهم الفرصة؟!

هل جرّبتموهم؟!

هل قارنتم بينهم وبين هؤلاء "الصنميين"، "الأبديين"، "الإلهيين"، مالكي الرئاسات والمجالس والوظائف، ومحتكري المال العام، ومُصادِري الطوائف؟!

رويداً أيها الناس. خفّفوا اللهجة قليلاً في وجوه هؤلاء "المدنيين".

إنهم لا يستحقون الرشق بالحجار، ولا الشتائم، ولا التيئيس.

إنهم خيارٌ جديد. إنهم خيارٌ بديل.

وهم يستحقون أن تمنحوهم الفرصة.

جرِّبوهم!